قصة قصيرة
#الأمل الحزين
بقلم الأديبة
عائشة العزيزي
..............
الأمل الحزين
في كل يوم تخرج (أمل) إلى شرفة غرفتها، لتتأمل النادي المقابل لمنزلهم، وبعفوية الطفل رفعت كفيها الدقيقتين إلی السماء؛ لتدعو الله أن يحقق حلمها، وذات مرة أشتد شغفها، قررت أن تخرج ليلًا لتشاهد تمارين السباحة، ﻻحظ المدرب وجودها، وشرودها في مناظر الأطفال وهم يسبحون كعروس البحر، أقترب منها قائلًا، بابتسامة صافية تعلو وجهه :
ـ هل تحبين أن تكونين معهم يا صغيرة؟.
وببراءة ولهفة علت صوتها، قالت :
- نعم، سيدي كم أتمنى ذلك!.
سكتت لبرهة، ثم طأطأت رأسها قائلة في حزن:
- ولكن ماذا أفعل مع أمي، فهی لن تقبل بذلك، تقول أنها مضيعة لوقت ومستقبلي .
قاطعها المدرب قائلًا :
- الناجح يا صغيرتي هو من يستطيع أن ينظم وقته ليبني حياته، ويصنع حلمه ولتعلمي أن كل الناجحين أبطال.
ردت الفتاة في حماس برئ:
- أنا أيضا بطلة؛ لأني متفوقة في مدرستي، آآه ياليت أمي كانت مثل خالتى، التي تشجع صغارها علی تحقيق أحلامهم، رغم تحصيلهم العادي !.
أضافت بصوتها الحنون، كأنها عصفورة تذقذق حوله :
ـ أخبرني، كيف لي أن أقنعها أنني أريد أن أصبح سباحة ماهرة، أقتنص الجوائز، وأحصد الميداليات؟.
نظر المدرب لعينيها الحزينتين الضعيفتين، و صوتها الممزوج بالأمل الحزين، ثُم قال بعد تنهيدة عميقة، وهو يربت علی كتِفها الصغير، مداعبًا وجنتيها.
واصل قائلًا:
ـ أسمعى حبيبتى لابد أن تتمسكين بحلمك، و تُثبتين لأمك أنكِ قادرة على التفوق هنا وهناك، فكوني صاحبة عزيمة، قاومي ولا تيأسين، فما دام في قلبك ضي، تأكدي أن شمس حلمك ستسطع فيه ذات يوم .
أضاف في حماس بالغ، ممسكًا بذراعيها في رفق، ثُم قال:
ـ أسبحي بحلمك، وكوني الأولی التي لايوقفها موج، ولا يكسرها تيار، وتأكدي أيتها البطلة أن الكأس ينتظرك علی الجانب الآخر من الشاطئ.
نظرت (أمل) إلي حمام السباحة، وهی تری المصابيح تتراقص علی مائه، وعليل هواء الصيف يغمر الجو عطرًا، يتطاير معه خصلات شعرها الملون بالليل، تمنت وقتها أن تحضن كل ذرة فيه، وتغسل جسدها الصغير به، تخيلت نفسها أنها أجمل جنية بحر ، ثُم نظرت إلی"كابتن" الفريق وهی تومئ برأسها، والدموع تتلألأ في عينيها العسليتان، لتنحدر علی وجنتيها كنجمة تلمع في السماء، ومابين يأس ورجاء مسحت عنها هذا اللؤلؤ، ثُم ودعته بابتسامة فاترة دون أن تتفوه بكلمة واحدة.
وقف "الكابتن" يضرب كفًا بكف حزنًا عليها، مغمغم ببعض الكلمات التي تسجل في تاريخ الإنسانية بحروف من نور.
- مسكينة ياصغيرتي، فوالله لو يعلم أهلكم قيمة أن يتركوا لكم العنان لتحققوا أحلامكم؛ ما ﻻحقت أوطاننا على العلماء والمبدعين فيها، ولتغير وجه التاريخ علی أيديكم، وعاد إلينا مجدنا الذي سلب .
بقلمي/
#عائشة_العزيزي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق