الاثنين، 12 يونيو 2023

قصة قصيرة *** الشرخ العميق *** للأديب الراقي / عبد الفتاح حموده ..........

قصة قصيرة

الشرخ العميق

للأديب الراقي

عبد الفتاح حموده

..........

 


الشرخ العميق

*وفاء صديقه عمرى تربطني بها علاقة حميمة منذ الصبا ولم يكن زواجنا مانعا لاستمرار علاقتنا بل زاد من ارتباطنا فكنا نلتقى جميعا ما بين وقت وآخر سواء داخل البيت أو خارجه. .

وإستمرت الأمور بيننا على هذا المنوال حتى حدث ما يعكر صفوها فقد توفى زوجي بشكل مفاجئ ونحن نقضى بعض الوقت على شاطئ العجمي بالإسكندرية فقد شعر بألم شديد في  صدره ومات أثناء نقله إلى أحد المستشفيات هناك.

لم تتركني وفاء لحظه واحدة منذ وفاه زوجي وبذلت كل ما في وسعها لتخفيف شدّه الحزن عنى ويكفى أنها وراء إحباط محاولات عديده لانتحاري.

 فقد كان موت زوجي صدمه كبيره لي وكان من الصعب علىّ أن أتحملها لولا وقفه وفاء الجادة معي ماكنت أعرف كيف تكون حياتي ليس هذا فحسب بل كانت تحث زوجها هو الآخر على مساعدتها في التخفيف عنى الحزن الشديد .

ولم تجد وفاء وسيله سوى أن تصحبني إلى الفيلا الخاصة بها في مرسى مطروح لأبعادي عن هذا الجو الحزين.

وهناك قضينا بضعه أيام ما بين شاطئ البحر وجوله مساء كل يوم في شوارع البلد لشراء احتياجاتنا ولعل تغيير المكان له الفضل في التخفيف من حده حزني.

وبعد انتهاء المدة  ألحت وفاء على البقاء معها في بيتها ريثما يعود زوجها من مهمته الخاصة بالعمل التى أضطرته للسفر لأحد البلاد وذلك لشراء بعض الأجهزة الخاصة بعمله .

ولما حان موعد عوده عصام من مهمته كان يجب أن أعود لبيتي ولكن حدث مالم يخطر ببالنا أبدا.

عند انصرافي صاحبتني وفاء لتوديعي وعند النزول من الطابق الثالث الذى تقع فيه شقتها فجاه أختل توازنها وسقطت على الدرج وظلت تدور حول نفسها فوقه حتى وصلت إلى نهايته عند مدخل البيت وصرخت بأعلى صوتي ونزلت وراءها بسرعه أحاول إنقاذها ولم أكف عن الصراخ من هول ما حدث إلا عندما وجدت عصام أمامي .

وحملنا وفاء وأركبناها السيارة ووصلنا بها إلى أقرب مستشفى وبعد الكشف عليها تبين وجود كسر في قدمها اليسرى وبعض الإصابات في الصدر والظهر وقرر الطبيب وضع القدم في الجبس لمده ثلاثة أسابيع وإجراء بعض عمليات الجراحة والضمادات اللازمة لها.

وكان لابد من بقائي بجوارها سواء في المستشفى أو بعد خروجها منها وذلك للقيام على خدمتها ريثما تسترد صحتها وفى البيت كنت أقوم بكافه الأعمال من إعداد الطعام والنظافة والغسيل و..الخ .

وكنت أعد لوفاء طعامها الخاص الذى أمر الطبيب به وأعد طعاما آخر لعصام ولى ولأن وفاء تتناول طعامها وهى فى فراشها بينما نتناول أنا وعصام الطعام على المائدة وكانت هذه هي المرة الأولى التي أخلو فيها أنا وهو وأن كان في وجود وفاء .

ولا أعرف لماذا أحسست ببعض الاطمئنان لوجوده معي وشعرت كأنى أنا وزوجي نتناول الطعام معا.

وأسعدني كثيرا أنه قد أعجبه الطعام الذى أعددته فقد لاحظت أنه يأكل بنهم شديد.

ولما أعددت الشاى ذهبت لوفاء فوجدتها نائمه فتركناها وجلست أنا وعصام في الشرفة وطال بنا الوقت دون أن نشعر به ولا أخفى عليكم سعادتى بكل هذا الوقت وتمنيت أن يطول بنا أكثر من ذلك .

في الصباح شعرت بغيره شديده وانتابني الحزن عندما رأيت عصام يدخل ليرى وفاء ولعله لاحظ ذلك حيث فوجئت به يتصل بي هاتفيا وأفهمنى بطريق غير مباشر أن مافعله حتى لاتشعر وفاء بأى شيء وتتأكد أن الأمور عاديه تماما.

وقبل حضوره على موعد الغذاء كنت قد خلعت اللباس الأسود وإستبدلته بثوب آخر وحرصت على الأهتمام بمظهرى وتسريحه شعرى وأستعمال بعض أدوات التجميل وما أن شاهدنى عصام حتى تعثرت العبارات فى فمه ولم تفارق عيناه النظر إلى وقال لى هامسا (كان فين ده كله يا أمانى) وجلسنا نتناول الطعام وهذه المرة جلس بالقرب منى وبدأت أشعر أن علاقتي به قفزت قفزات سريعة ولعل هذا الحس بأن عصام كانه زوجي ولعله هوالآخر أحس بنفس الإحساس ولهذا كنت أنتظره بلهفه المشتاقة لرؤياه وأتأهب لاستقباله فأبدو له في أبهى صوره وأسعد بعباراته الرقيقة ونظراته المتلاحقة لي ومديحه المستمر على نوعيه الطعام الذى أعده له في كل مره .

وذات يوم طال بنا الوقت دون أن نشعر به وهذه المرة كانت سعادتنا فوق أى مرة لاأعرف أكثر من أننى أجلس إلى زوجي بالفعل ولهذا جلس بالقرب منى ووضع يده على كتفي و..

فجاه هب عصام واقفا وأسرع إلى غرفته ..بينما وقفت أنا مكاني بلا حراك من هول المفاجأة..

حيث فوجئت بوفاء  ملقاه على الأرض بعد أن أعياها الزحف على جسدها لتصل إلينا أسرعت إليها أساعدها على النهوض فإذ بها تنهرنى بشده وتبعدني عنها بقوه ساعتها فقط أحسست بالجرم الذى فعلته وغلبنى الإحساس بأن عصام بمثابه زوج لي وأن المرأة اذا فقدت زوجها تشعر بأمس الحاجه لمن يعوضها عنه ويعيد إليها روحها التي أفتقدها.

شعرت بالندم الشديد لما فعلته وتمنيت لو كانت وفاء تركتنى أقتل نفسي ولم تمنعنى من ذلك.

أما هي فأجهشت بالبكاء وهى لازالت ملقاه على الأرض وقالت

( لقد شعرت أن هناك ما يحدث بينك وبين زوجي عندما وجدتك تستبدلين ثوبك الأسود بثوب آخر ورأيت مدى حرصك على العناية بمظهرك واستعمالك للعطور وأدوات التجميل.و... )

ولم أجد ما أقوله لها كل ماسمعته من وفاء كان دافعا قويا لإيقاظ ضميري الذى نام هو الآخر وراء الحس بالاطمئنان إلى وجود عصام فى حياتي كأنه زوجي.

أسرعت إلى حقيبتي ووضعت فيها كل أغراضي وغادرت المنزل وقلبى ينفطر حزنا.. ورحلت عن وفاء للأبد بعد الشرخ العميق الذى لحق بصداقه دامت سنوات طوال..

مع تحياتي /عبد الفتاح حموده

......

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قصة قصيرة جداً *** كينونة *** الأديب الراقي / محمد علي بلال ..... سورية ......

  قصة قصيرة جداً   كينونة الأديب الراقي محمد علي بلال  ...... سورية .....  قصة قصيرة جداً كينونة ** تمرد على اعوجاج السبل، لما سلك طر...