الثلاثاء، 16 يوليو 2024

القصة القصيرة *** " الشاطىء وكأس شاي " *** الأديب الراقي / وليد الباشا ..........

 القصة القصيرة

 " الشاطىء وكأس شاي " 

الأديب الراقي

وليد الباشا

..........



" الشاطىء وكأس شاي "

المساء يدنو خجلاً ؛ الغسق يتكاثف في أعالي البحر ؛ الموج يعلو وينخفض كأرجوحة طفل صغير ؛ الزبد يقترب مني لكنه يخجل فيبتعد إلى التلاشي ؛ الرؤيا تتقلص كماء دخل الثلاجة ؛ الريح تهب خفيفة كريش نعام مزركش .

هناك على شاطىء صخري يمخره رصيف صغير بالكاد يتسع لقدمين فقط ؛ بينما تتغلغل المياه بين الصخور لتصل خلسة إلى أقدامنا العارية ؛ ومع ازدياد احمرار ما وراء المياه كان وجهك يزداد جمالاً و رونقاً ؛ كنت أختلس النظرات كي احفظ شيء ما من هذا الوهج الإلهي المهيب .

انتعش الطفل النادل عندما أخبرته بأننا سنشرب الشاي ؛ ترك ابنسامة جميلة مليئة بالامتنان وعاد أدراجه مسرعاً وهو يردد

 ( سأعود ؛ سأعود ) 

 تأملته كثيراً لعله في تلك اللحظة كان منافسك المباشر في مرمى عيناي لكني اصطدت نظرة شغف إلى شفتيك ثم أخفيتها بين خافقي .

تعلقت نظراتي كثيرا بتلك السفينة التي كانت تمخر عباب البحر ؛ حتى لم يبق منها سوى أنوار تخفت بالتدريج حتى تلاشت هي الأخرى .

 لم تكن الجزيرة المواجهة سوى أضواء تتكاثف مع حلول العتمة رويداً رويداً ؛ إنه منظر إلهي بامتياز ؛ لكنه لم يستطع أن يتفوق لبرهة  وجيزة على جمال عينيك وتألق ثغرك وسحر ابتسامتك .

عاد النادل الطفل يحمل قبسا من فحم مجمر ؛ وفي اليد الأخرى كان يتأبط كأسين من الماء يجاورهما ظرفين من الشاي وبعض السكر .

علا المزاح بيننا ؛ ضحك النادل الطفل كثيرا جدا ؛ تمتم بكلمات لم أفهمها ثم غادر مرة أخرى .

وضعت الظرف بالكأس المملوء بالماء الساخن حتى صبغ بالأحمر ؛ كنت حينها أراقب عن كثب ؛ ولعلي كنت أتحدث عن أمر ما ؛ الرياح كانت تغازل وجهي ؛ والغيوم انتشرت في السماء كعادتها في الشواطئ ؛ دار الظرف الممزوج بالشاي والسكر في الهواء ؛ تطايروا جميعاً مع الريح لكنهم حطوا الرحال على وجهي وثيابي ؛ كانت نظراتنا معلقة ببعضها البعض ؛ لم يتسع الشاطىء لضحكاتنا آنذاك : 

( ماذا فعلت يا فتاة ) ...

ماذا أفعل لهذه الثياب التي أصبحت بلون الأفق ؛ قلت لك !!! ... لكنك أجبت بضحكة ملأت الدنيا على رحابتها .

لابد من فعل شيء ما ؛ وقبل أن أترك مكاني حضر المطر فجأة ...

أتذكرين ....

وليد.ع.العايش

٧ / ٧ / ٢٠٢٤ م

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قصة قصيرة جداً *** كينونة *** الأديب الراقي / محمد علي بلال ..... سورية ......

  قصة قصيرة جداً   كينونة الأديب الراقي محمد علي بلال  ...... سورية .....  قصة قصيرة جداً كينونة ** تمرد على اعوجاج السبل، لما سلك طر...