احذر لسانك
قصة قصيرة
بقلم:
مرشد سعيد الأحمد
كان( خلف ) ..
منذ نعومة أظافرهِ مولعاً بالشِعر والغِناء والأهازيج الشعبية .
منذ نعومة أظافرهِ مولعاً بالشِعر والغِناء والأهازيج الشعبية .
هذا الرجل الريفي الذي يحمل كل صفات الرجولة والفحولة من خِلال قامتهِ
الطويلة وجسمهِ القوي وعضلاتهِ المفتولة وشاربيهِ الأسودين ووسامة وجههِ الأسمر وعينيهِ
الواسعتين وكلامهِ الدبلوماسي الرجولي ومواقفهِ المشرِفة ،
مما جعلهُ معشوقاً أو نقطة
إعجاب لكل أنُثى تلتقي بهِ أو تجالسهِ .
فكان له صديقات وصاحبات من كل النساء منهن
البنات والطوامح أي المطلقات وبعض المتزوجات.
وهذه العلاقات العاطفية المعقدة جعلتهُ
يَفقِد الثقة بأي أنثى
مما جعله يرفض فِكرة الزواج رفضا قاطعا
تعرف ( خلف) على صديقهِ (علاوي) أثناء دراستهِ الإعدادية
عندما سَكنوا في غرفة واحدة في حي شعبي حتى نهاية دراستِهم الثانوية والالتحاق بالجامعة .
كان ( علاوي) شاباً بسيطاً ملتزما دينيا تتلمذَ على
يد إمام المسجد في قريتهِ فكان سلوكه سوي لم يخالط النساء
ولم يخض أي تجربة معهن مما جعلهُ يقع ضحية أول
علاقة عاطفية بعد تخرجهِ من الجامعة وتأديتهِ لخِدمة العلم مع فتاة من أهالي تل المرابيع
، أصحاب المزاج العصبي وقوة الشخصية
إسمُها ( كنانة ) هذه الفتاة تملك إسلوبا غريبا في سحر
الرجال من خِلال كلامها المعسول واللطيف ، عِلما أنها قصيرة القامة مع شيء من البدانة ،
وسمراء البشرة وذات أسنان بيضاء متباعدة.
سافر ( خلف ) الى إحدى دول الخليج بعد أن حصل على
فيزا عمل للتدريس هناك وبقي (علاوي ) في بلده يعمل في المحاماة ثم تطوع في قِوى الأمن
الداخلي واستطاع أن يصل بمساندة من أحد إخوة زوجته إلى منصب من الدرجة الممتازة.
عاد ( خلف ) مِن الخليج بعد انتهاء عقد عمله فقرر
زيارة صديقه (علاوي ) وتقديم التهاني له بالمنصب الجديد .
أثناء هذه الزيارة دارت أحاديث الذكريات أيام
الدراسة
والصعوبات المادية والنفسية التي كانوا يعانون
منها
ثم انتقل الحديث إلى موضوع النساء والمشاكل
التي تحدث بسبب سوء سلوك الجيل الجديد وتأثرهُ بثقافة المجتمعات الأُخرى عبر الأثير
سواء عن طريق القنوات الفضائية التلفزيونية أو النت
وعندها أراد ( خلف ) أن يمازح صديقه ويخفف دمه قليلا .
فقال له:/
أما زلتَ مع زوجتك السوداء ولم تتزوج
بامرأة اخرى من بنات بلدك الجميلات الساحرات في عيونهن وجمالهن الفتان ألم تسمع قول
أحد الشعراء:
إن العيون التي في طرفها حورُ .......؟
من ناحية أخرى ياسيدي يجب أن تعلم أن الشرع سمح
للرجل بأربعة عندما قال تعالى :" فانكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثلاثة ورباع"
.
ولم يكمل بقية الآية .
وتابع يجب أن تعلم ياصديقي أن الله سبحانه وتعالى
قد أعطى الرجل القدرة والطاقة الجنسية اللازمة للزواج بأربعة وله حِكمة في ذلك .
لكن هذه الزيارة كادت أن تنهي حياته بعد أن علمت
زوجة علاوي ( كنانة ) مِن الخادمة بكل مادار من أحاديث
فأرسلت له عدة أشخاص من حُراس الڤيللا التي تَسكُنها
ليقوموا بالقبض على ( خلف ) بالشارع واشباعه ضربا
وركلا بالأرجل حتى فقد وعيه.
استيقظ ( خلف ) بعد عدة ساعات في إحدى المشافي بعد أن قام بعض المارة باسعافه إليها.
وعاد الى بيتهِ ، ومكث فيه ، ولم يَجرؤ على الخروج
منه ، وبدأ يتواصل مع معارفهِ في الخليج لتجديد عقد عمله والهروب خارج البلد.
وبعد عشرة أيام تفاجأ خلف بإتصال هاتفي من صديقه
( علاوي ) بعد أن عاد من مهمة قام بِها خارج البلد ، يدعوه لتناول وجبة الغداء في مزرعته
الجديدة.
أثناء تناول الطعام أراد ( علاوي) أن يُعيد نفس
الحديث في الزيارة السابقة بعد أن راق له وأعُجِبَ بهِ
فرد عليه خلف قائلا :/
اتق الله يارجل أنا لا
أسمح لك أن تتعدى على أختي ( كنانة ) ،هذه الإنسانة الرائعة هذه الإنسانة التي تستحق أن
نقول أنها سيدة مجتمع استطاعت أن تصنع منك رجلاـ له مكانتهِ في المجتمع
فاستحقت أن نقول عنها:/
( فعلا .. وراء كل عظيم امرأة )
( فعلا .. وراء كل عظيم امرأة )
من ناحية هل تعلم بماذا شبه أصحاب الذوق الرفيع
المرأة السمراء؟
فرد (علاوي مستغربأ :/
لا والله .
فرد عليه خلف قائلا :/لقد شبهوها بالعسل الذي لا يتغير شكله
ولا طعمه مهما تتالت عليهِ السِنين فيبقى اسمهُ عسل دواء
و شِفاء لكلِ داء .
وفي اليوم التالي
خرج خلف من بيتهِ مطمئنا إلى
السوق وعاد ليتفاجئ بوجود نفس الأشخاص بانتظارهِ أمام البيت ، فانهارت قواه ولم تعد أرجله
تحمله ، من شدة الخوف ، لكن هذا الخوف سرعان ماتبدد عندما صافحه قائد المجموعة وسلمه ظرفاً
يحوي قرار تعينهِ ملحقا ثقافيا في أي قنصلية يختارُها في أوروبا مع مبلغ خمسة وعشرون ألف دولار هدية عيد ميلاده الذي يصادف بعد عدة ايام.
انتهت
..........
بقلمى
مرشد سعيد الأحمد
سوريا - الحسكة 7/4/2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق