قصة من صميم الواقع
الجزء الثاني
بقلم
Nadia Toumi
............
الجزء الثاني
من "قصة من صميم الواقع"
ولدت الصبية في السبعينات، كانت فرحة الأب لا تطاق دخلت لقلبه البهجة وقال الوداع للأحزان، قام بكل التجهيزات للزواج، كان زواجا ضيقا بين المقربين. العروس لم تكن فرحتها كاملة لم تكن مثل أحلامها الوردية، لا "تصديرة" ولا صور كثيرة، ولا حتى مزمار وطبل
كان كتاب قرآن بسيط باهت وزغاريد ضعيفة صوتها لا يسمع في الأرجاء.
اشترى الأب بيتا صغيرا على ضفاف البحر واشترى بعض الادباش غرفة نوم وسرير رضيع وبعض الاثاث البالي، وبدا يتعلم أن يكون رب أسرة يعتني بعائلته، كان عمله خياطا تعلم المهنة منذ الصغر على خياط ايطالي، أتقن الحياكة وأصبح يعرف كيف يخيط كسوة كاملة بأيادي ساحرة تبهر لابسها. مرضت الرضيعة من رطوبة البيت على الشاطئ وطلب الطبيب تغير البيت، لكن الكراء كان مرتفع لا يقدر عليه الأب، فقرر جد الأب أن يعطي ابنه غرفة في بيته الكبير شبه ما، ورغم أن بيته كان يعج بالأبناء لكنه رق قلبه لتلك الرضيعة وأراد أن تتربى بين أحضانه. انتقلت العائلة الصغيرة لتسكن في بيت الحماة، وبانتقالها نست أيام الاستقلالية.
باعت جل الأثاث وتركت غرفة النوم وسرير الرضيعة، وتحملت مشقة الانتقال من أجل حبها لزوجها وحب الاستقرار وبناء عش زوجية ملئ بالدفء والحنان. تدور الأيام وبعد شهرين من الانتقال مع العائلة بدأت تندلع الخصومات بين الكنة الشابة المنبوذة من أول يوم من عائلة الشاب وبين الحماة واخوات الزوج الذين أرادوا أن يتحكموا فيها.
كان الزوج مسلوب الإرادة أمام عائلته وخاصة أمه واخواته البنات، بدأ يتكاسل على العمل وترك غرفة نومه مع زوجته وأصبح ينام مع اخواته في غرفة مستقلة بعيدا عن ابنته وزوجته الشابة. كانت تذهب الفتاة الى بيت والديها باكية شاكية وكانت الأم يحن قلبها لشكوى ابنتها كانت تعيلها ماديا في كل زيارة. ترجع لبيت أهل زوجها كل مرة بعناء، أصبحت هناك مثل الخادمة تعمل في خدمة الجميع من غسل الملابس واستقبال ضيوف الاخوات اليومية، كانت لا تتمتع باللقمة ولا تشبع بطنها بالأكل الذي كان من خيرات زوجها وابوه.
ووصل بأمر الحماه ان وضعت الرضيعة في فراشها في بركة ماء واتهمت الأم بالإهمال وأرادت بذلك أن تريح ابنها من مسئولية الأم والمولودة. صبرت الأم على أمرها وكانت كل مرة تذهب غاضبة الى منزل والديها ويرجعها حماها من أجل ألا تترك الرضيعة محرومة من حنان الأبوين. وكان الجد يلعن ابنه وينعته في كل مرة بشتى النعوت متهما إبنه بعدم المسؤولية وعدم الرجولة واتخاذ قرارات بضغوط من أمه. تمر الأيام وفي غمضة بصر تتفق الأم مع ابنها لتسفره خارج البلاد بدون علم زوجته. وتقوم بكل الترتيبات وتقطع له تذكرة السفر بدون رجعة لبلاد النور باريس، وفي الأيام الأخيرة قبل السفر حن قلب الأب وتذكر انه يحب زوجته فاعلمها بالسفر وطلب أن ترافقه مع ابنتهما. غضبت الأم الشابة من عدم اخبارها واعتبرتها خيانة، ورفضت بشدة السفر وترك وطنها الأم، بل تعنتت وزادت ارتباطها بأرض الوطن ومنعته من السفر خاصة هي تنتظر مولودها الثاني، فالرضيعة الأولى لم تتجاوز السنتين وكانت حجة جدة الأب أن ابنها مازال صغير ليكون مسئولا على الأبناء. رحل الاب الى باريس وكانت اخته هناك سابقته في السفر، اكترى بيتا صغيرا. وبدأ بالعمل وكسب رزقه وكان دائم التفكير في زوجته وابنته والمولود القادم في أحشاء الأم.
...............
بقلم
نادية التومي/ جويلية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق