قصة قصيرة
خذلان
بقلم الأديب الراقي
Abou Brahim Krichen
............
خذلان
تخليت عن ابني الوحيد و هو في عمر السنة تقريبا و تركته يواجه مصيره المجهول
خذلته في أول امتحان له
كان ابني محاصرا و عاجزا عن الحركة ممددا على ظهره تمسك بيديه و رجيليه اربع اياد قوية و الحقنة و الضمادة في يدين أخريين تثير في نفسه الخوف و الفزع و كان يبكي و يصيح و ينادي و يبحث عني بنظراته المتوسلة
في لحظة كهذه يحتاج الى والده اكثر من اي وقت آخر و كنت انا اتعمد الاختفاء عن نظره
بعد وقت قصير انتهى كل شئ بسلام و على احسن ما يكون حملته زوجتي و اطلقت اختي زغرودة قصيرة و انهى اخي اخر الترتيبات مع الطبيب و غادروا جميعا الا انا
طوال الوقت كنت ابكي و كان الطبيب ينظر الي بامتعاض شديد
عندما اقتربت من مكتبه لم يبالي بي و لم يرفع راسه
لم اهتم بهذا و قلت
- تذكرت أطفال غزة نظر إلي فأضفت
و هناك أطفال ماتوا حرقا و غرقا و جوعا و عطشا و اطفال ماتوا تحت القصف و الدمار و بالغازات السامة و القنابل الكيمياوية و اطفال صرخوا و استغاثوا و نادوا اباءهم و لم يجيبوهم تذكرت كل هذا و بكيت من أجلهم و لم اكن ابكي من أجل ابني فهو يخضع لعملية ختان في منتهى الرفاهية و الامان و ما من سبب يدعوه للبكاء
نهض الطبيب و صافحني بقوة و شيعني بابتسامة عريضة و بدأ لي انه من الصنف الذي لا تتخضب لحيته بدموع البكاء الا عند السجود لله طلبا لمغفرته و جنته و شفاعة رسوله
#ابوبراهيم. تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق