الأحد، 29 مايو 2022

وداعا ثروت *** بقلم الأديب / عبد الفتاح حموده .............

 

وداعا ثروت

بقلم الأديب

 عبد الفتاح حموده

.............


 

نشأت فى أسره فقيرة ..أبى كان يذهب صباحا لعمله كعامل فى إحدى الشركات ويعود فى الثالثة بعد الظهر يأكل وينام ولايشغل باله بشىء كل ماكان يفعله أن يعطى راتبه الشهري لأمى بعد أن يستقطع منه مبلغا له ينفق معظمه على التدخين.

أما أمى فيقع على عاتقها العبء الأكبر نحوى ونحو أخواتي وظروف معيشتنا فهى تخرج من الصباح الباكر وتعود فى ساعة متأخرة من الليل جثه هامدة حيث تتنقل بين بعض البيوت لتقوم على خدمه أصحابها ورغم ذلك إذا عادت تعد طعام العشاء لنا وغالبا ماكان يضم أصناف الأطعمة التى يعطيها لها بعض الناس الذين تقوم على خدمتهم.

وكثيرا ماكانت تأكل بعض اللقيمات وسرعان ما تنام مكانها لاتتحرك وتغضب إذا حاولنا إيقاظها لأنها أحوج للراحة حتى تتمكن من مواصلة عملها فى صباح اليوم التالى.

ومن يراها بنحافه جسدها الهذيل ووجهها الشاحب الذى يبدو عليه آثار الشقاء والمعاناة منذ صغرها لايصدق أنها تقوم بكل هذا الجهد.

أستيقظنا صباح يوم علي شجار حاد بين أمي وأبي بسبب حثها له علي إيجاد وظيفه إضافية أخرى لمواجهه متطلبات المعيشة ولاسيما كلما كبر الأبناء زادت الأعباء وارتفعت نفقاتهم واحتياجاتهم.

كنت فى غاية الضيق واليأس للظروف التى نمر بها ولعل جارتنا عايدة فى نفس البيت هى الوحيدة التى كنت أجد منها المواساه والتخفيف عنى من وطاه ما أعاني منه.

وفى أيام الإمتحانات الأخيرة لسنه أولى اعدادى وقفت مع بعض الجيران ممن هم فى نفس السنه الدراسيه نتحدث عن مايخص الإمتحانات ومن بينهم (ثروت)الذى ترك أثرا طيبا فى نفسى وكنت أراه مابين وقت وأخر وانا أطل من شرفه السطح الذى نقيم فيه لأن غرفته تطل على الشارع مباشرة ولعله لم يفطن إلى أننى كنت أنظر إليه .

وعلمت فيما بعد أن (ثروت)هو الوحيد الذى نجح فى دراسته أما أنا فقد توقفت عن مواصلة الدراسة بسبب ظروفنا الحرجة.

ساعدتنى جارتنا عايدة فى التعرف على شقيقة ثروت وبالتالى سنحت الفرصة للزيارات المتبادلة وتمكنت خلالها من رؤيه ثروت الذى تطورت علاقتى به تدريجيا.

وكان لثروت الفضل فى إقناعي لمواصلة دراستى بأقل تكلفه (نظام المنازل) ووعدنى بتقديم كل المساعدات الممكنة فى هذا المجال.

ومن هنا توطدت العلاقة بينى وبين ثروت ووجدت فيه الكثير مما كنت أفتقر إليه من الإحساس بالراحة وبريق الأمل يخرجنى من حياتى الصعبة التى كنت أعيشها ولاسيما مافعله أبى مؤخرا لم يكن بالحسبان أبدا ولم يخطر ببال أحد .

وجدنا أبى _سامحه الله_ قد ترك البيت وتزوج من امرأه أرملة وأقام معها فى شقتها.

وماكنت أخفى شىء عن ثروت إلا أمرا واحدا لم أستطع الإفصاح عنه وهو أننى فى مرحله من عمرى قد تزوجت عرفيا من (حسام)وهو أحد أقارب عايدة وتعرفت عليه أثناء زياراته لهم وكان لابد من إنهاء علاقتى بحسام فاتفقت معه على لقاء فى مكان ما لكى أخبره أنه لم يعد هناك ضرورة لاستمرار هذه العلاقة.

وأثناء اللقاء حدثت المفاجأة إذ رآنى شقيقى الأكبر على ، وهنا تعقدت الأمور أكثر

فر حسام هاربا أما أنا فقد أمسك بى أخى وجرنى بعنف نحو البيت وراح يقسو على بالضرب والسباب ورغم ذلك لم يشغلنى إلا ثروت وتمنيت أن يلتمس لى العذر ولو أنى بدأت أحس أننى قد أخطأت خطا جسيما إذ أن الظروف مهما بلغت ماكان ينبغى أن تكون دافعا لارتكاب مثل هذا الخطأ ونحن البشر عندما نخطئ نجد لأنفسنا مبررات كافية لنفعل مانشاء .

ورقدت بالفراش بضعة أيام من أثر الجروح والصدمات التى ألحقها بى أخى وهو يكيل إلى بكل مايقع فى يديه من أشياء.

وعندما بدأت أسترد عافيتى إلى حد ما نهضت من الفراش وهرولت إلى الشرفة أطل منها على ثروت وكلى أمل أنه سوف ينظر إلى أمري نظرة عاقلة كما تعودت منه ولكننى وجدت غرفته مغلقه تماما على غير المعتاد...

(عبد الفتاح حموده)

الخميس، 26 مايو 2022

قصة قصيرة ،، هروب من الوحدة ،، بقلم الأديب المصري / أشرف عز الدين محمود ................

 

قصة قصيرة،،

هروب من الوحدة،،

بقلم الأديب المصري 

أشرف عز الدين محمود

................ 



-قَلبٍ قُدَّ مِن نورٍ وَنارْ.. يَمشي.. وحيدًا يُضيءُ الأَرضَ يَبحَثُ في سُكونِ اللَّيلِ الحالك عَن قَلبٍ يُرَفرِفُ

 

..يُكَسِّرُ سكون الصَّمتَ الَّذي ما زالَ يَجري في عُروقي وَكأنَّهُ كتاب كتب أو قَدَرٌ حَزينْ..

 

ها أنا وَحدي في السِيرِّ أَستَرِقُ النَّظَرْ مِن خَلفِ أَبوابِ مغلقة مُختَلِطاً بِدَمعي..

 

فلا الصَّوتُ يَتعدى الهَواءَ مُخترقًا جُدرانَ حُزني وممزقًا لها في الظَّلامِ..

 

ليس من أَحَدٍ يُشاركني بُكاءَ القَلبِ حينَ يَنامُ مَكسوراً عَلى صخر وَحيداً في العَراءِ وَفي المطر ..

 

الَملِمُ ما تَبَقّى مِن حُطامِ العُمرِ.. وَصَوتُ النّايِ- آهاتي-وأَنيني خَلفَ جُدرانِ الغُروبِ مُعَلَّقاً.. ما بَينَ رُؤيايَ الَّتي خَبَّأتُها في القَلبِ يَوماً بَعدَ يَومٍ..

 

قد صارَ القَلبُ ناراً .. وَاعتَنَقتُ مَذهَباً في السِرِّ لي وَحدي

وجِئتُ أَزحَفُ عارِياً مِن كُلِّ عُمري.. جِئتُ وَحدي هارِباً مِن كُلِّ أشيائي وَأَحلامي..

 

أُفَتِّشُ في ثَنايا الحُزنِ ..عَن غَيمٍ يُظَلِّلُني مِنَ الأَحزانِ ..عَن صَدرٍ يُدَفِّئُني…

 

أُنادي كُلَّما ضاقَ المَكانُ وَأَوجَعتني الذِّكرَياتُ.. وَضَجَّ صَمتُ الأَرضِ مِنّي..

كُلَّما حارَ السُّؤالُ مِنَ السُّؤالِ.. وَعادَ صَوتي مُطفَئاً يَشكو..

 

أُفَتِّشُ عَنكِ بَينَ خُطايَ.. فتَخنُقُني دُموعي وهى تَفيضُ الآنَ مِن ضِلعي ..تُعانِقُني وَتُطفِئُني بماءِ القَلبِ مُتَمَزِّقاً لا وَجهَ لي..

 

َالرُّوحُ تَهذي ها أَنا أَمشي مِثلَ ظِلِّ شارِدٍ وَقلبي لَم يَزَل ناراً

تُعَذِّبُني ..وَتحَرِقُ ما تَبَقّى مِن حُطامِ العُمرِ…هاربا من وحدتي

إلى أين..؟ لا أعرف.

الثلاثاء، 24 مايو 2022

طيف *** بقلم الأديب / سالم الوكيل ............

 

طيف 

بقلم الأديب

  سالم الوكيل

............





طيف

تَحْتَ جُنْحِ اللَّيلِ ، صَافَحَتْ أُذُنَيَّ أَنَاتٌ، وَشَقْتُ صَوْبَ الصَّوتِ المُخْتَبِئِ وَرَاءَ السَّوَادِ، بَادَرْتُ بِإِضَاءَةِ مِصْبَاحِ هَاتِفِي؛ فَإِذَا بِعَجُوزٍ بَائِسٍ ، رَثِّ الهَيْئَةِ، مُغَبَّرِ الوَجْهِ، تَقَمَّمَ ، اِتَّخَذَ حَوَايَا الكُنَاسَةِ مَأْوَى وَمَلْجَأً.

وَيْكَأَنَّهُ تَقَلَّبَ عَلَى رَمْضَاءِ البُؤسِ، وَاكْتَوَى بِنَارِ الفَقْرِ.

 تَنْحَدِرُ مِنْ مُقْلَتِيهِ دُمُوعُ الانْكِسَارِ والخِذْلَانِ.

 دَنَوتُ مِنْهُ ، أَخَذْتُ أُرَبِّتُ عَلَى كَتِفَيهِ ، نَظَرْتُ إِلَى وَجْهِهِ ؛ فَإِذَا هُوَ يَطْفَحُ بِالعَطْفِ والشَّفَقَةِ، رَفَعَ رَأْسَهُ وَلَمْ يَنْبِسْ بِبِنْتِ شَفَةٍ ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ بِطَرْفٍ خَفِيٍّ كَأَنَّمَا يَتَطَلَّعُ إِلَى أَيَّامِ الصِّبَا . أَرَدْتُ أَنْ أَقْطَعَ عَلَيهِ حَبْلَ الصَّمْتِ غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ حَبِيْسَ نَظَرَاتِهِ.

صَمْتٌ رَهِيْبٌ ، سُكُونٌ مُطْبِقٌ.

 يَلُفٍُ اللَّيلَ صَمْتٌ مَهِينٌ إِلَّا مِنْ أَزِيْزِ أَنْفَاسِهِ المُتَلَاحِقَةِ، وَضَجِيْجِ عَيْنَيهِ الزَّاعِقَتَينِ ذِلَّةً وَقَهْرًا ، أَخْرَجْتُ مِنْ جَيبِي نُقُودًا .

 بَسَطْتْ إِلَيهِ يَدِي؛ أَعْرَضَ عَنِّي ، أَدَارَ ظَهْرَهُ لِي ثُمَّ اِجْتَابَ الظَّلَامَ . تَرَكَنِي وَحِيْدًا  ..  وَقَدْ خَلَّفَ فِي نَفْسِي اِنْدِهَاشًا .

الأربعاء، 11 مايو 2022

(رسائل الزمن الضائع) *** بقلم الأديب / ربيع دهام ...............

              (رسائل الزمن الضائع)

بقلم الأديب

 ربيع دهام

...............


 

في ساعات الليلِ الكئيبة، حيث لا صديقٌ ولا حبيبةْ.

ولا قمرٌ يطرق كالثلجِ على شبّاكي.

أزحف أنا إلى زنزانتي السريريّة. أطفو على فراشِ العزلةِ.

أقوقع نفسي كالمحارِ بين براثنها. أحشرها بين قضبان اللحاف والفراشِ، وأركن رأسي على فتحة الوسادة.

أسدل الستائر على ألمي، وأغفو.

وأحلم... وأحلم... وأحلم.

أحلم بدنيا يأتي فيها الديك ليصبّحني، لا زمامير السيارات والشاحنات والقاطرات.

أحلم بدنيا أركضُ فيها بشوقٍ إلى مركز البريدِ.

أسألهم عن رسالةٍ لطالما انتظرتها.

وأرى الرسالة كعروس البحر تأتيني من خلف الأمواج.

أغازلها بعينيّ وأدمع.

وبأصابعَ مرتجفةٍ أفتحها وأقرأ.

رسالةٌ من حبيبٍ أقبّل حروفها بشغفٍ. أشمّها.

أحضنها بين ضلوعي وأضحك.

وأضحك. وأضحك.

رائحة أصابعه فيها. طلّته فيها. ضحكته. عبسته. صوته. لهفته.

عيناه ترمقني من بين حروفها.

حتى بصمة أصبعه موجودة على الورقة. وأتوه في البصمةِ وأغرق.

أراقب خطوطها.

 أدرس تعرّجاتها. أشدو بسحِرها. غموضها.

أفك طلاسمها.

وأعود وأضمّها إلى صدري. وأضحك.

لا... بل وأبكي.

لا... بل وأضحك. ثم أبكي.

رسالةٌ بنكهة حبٍ لا تشبه آلاف الرسائل الإلكترونية المكدّسة على جهاز الخلوي، ولا طعم لها ولا لون.

يدق باب قلبي.

أصرخ : "من؟".

ويجيبني الصوت الحنون : 

" افتح أنا جدّك".

ويدخل جدّي إلى النبضِ ويحكي.

يجلس على كرسي الصدر. 

يفلش ورقة السجائر.

يضع عليها التبغ. يكوّرها. ثم حنين الماضي  يشعلها وينفثُ.

وينفث...وينفث...

ويطير الدخان أمام ناظري، ويتناثر في المكان.

 أحدّق في الدخان ، أرمقه.

أحاول منعه من التسلل عبر الفتحات  مخافة أن يخرج ويختفي.

 ألتقطه.

 يفر من بين أصابعي. أمتطيه.

يتحول فجأة إلى فقاعات بالون.

أراني ألعب على الفقّاعاتِ وأشدو. وأطير من فقّاعة إلى أخرى وأصرخ.

وأسقط على طشت ماءٍ صغيرٍ.

وقبل أن أرتطم بحديده، تمسك بي أصابع أمي.

 تضمني.

تضع الصابون على رأسي المحتج. تفركه.

وقبل أن أهمّ أبكي أسمع صوتها الحنون يداعبني.

 يحدّثني. يطمئنني. وأضحك لكلامها الجميل. وأبكي.

وأضحك وأبكي.

وأضحك وأبكي.

وأستفيق من حلمي.  أجلس  على فراشِ الوحدة ضائعٌ بين موتٍ وحياة.

تُرى أين أنا الآن؟

 ويرن الهاتف فأنزعج .

ويزعق جهاز التلفاز.

 فأخاف.

ويصرخ المنبّه فأنتصب. وتسعل الغسالة فأصاب بضيق النفس.

وتولول الخلاطة فألطم.

ويرنّ الجرس.

أزحف إلى الباب. أفتحه.

يحدّثني شخصٌ لا أراه.

يأتي شخصٌ آخر. يحدّثني، وأيضاً لا أراه.

أخرج إلى الدار لأبحث عن مصدر الصوتين.

وما إن تطأ قدماي أسفلت الطريق، يهرسني كميون اسمه "حضارة"،

ويكمل الكميون طريقه، دون أن يتوقّف.

أسقط على الأرضِ. أرى دمي يسيل. ألعقه كي لا يراني أحدٌ ويشفق عليّ وبكي.

لكن لا أحد يشفق عليّ ويبكي.

تتراكض وسائل الإعلام إلى الكميون وتسأله:

" هل ضايقك قاطعِ الطريق هذا؟".

ويدمع الكميون ويصرخ :

 " أجل.

 إنه إرهابي!".

............

قصة قصيرة جداً *** كينونة *** الأديب الراقي / محمد علي بلال ..... سورية ......

  قصة قصيرة جداً   كينونة الأديب الراقي محمد علي بلال  ...... سورية .....  قصة قصيرة جداً كينونة ** تمرد على اعوجاج السبل، لما سلك طر...